اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 232
ومجاهد والشعبي والسدي ومقاتل في آخرين. والثاني: أنه الكاهن، قاله سعيد بن جبير وأبو العالية.
والثالث: أنه الساحر، قاله محمد بن سيرين. والرابع: أنه الأصنام، قاله اليزيدي والزجاج. والخامس:
أنه مردة أهل الكتاب، ذكره الزجاج أيضاً. قوله تعالى: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى هذا مثلَ للإيمان شبَّه التمسك به بالمتمسك بالعروة الوثيقة. وقال الزجاج: معنى الكلام: فقد عقد لنفسه عقداً وثيقاً. والانفصام: كسر الشيء من غير إبانة.
[سورة البقرة [2] : آية 257]
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (257)
قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا، أي: متولي أمورهم، يهديهم، وينصرهم، ويعينهم.
والظلمات: الضلالة، والنّور، الهدى، والطّاغوت: الشياطين، هذا قول ابن عباس، وعكرمة في آخرين. وقال مقاتل: الذين كفروا: هم اليهود، والطاغوت: كعب بن الأشرف. قال الزجّاج:
الطّاغوت هاهنا: واحد في معنى جماعة، وهذا جائز في اللغة إذا كان في الكلام دليل على الجماعة.
قال الشاعر [1] :
بِها جِيَفُ الْحَسْرَى فأَمّا عِظامُها ... فَبِيضٌ وأَمّا جلدها فصليب
يريد جلودها، فان قيل: متى كان المؤمنون في ظلمة؟ ومتى كان الكفار في نور؟ فعنه ثلاثة أجوبة: أحدها: أن عصمة الله للمؤمنين عن مواقعة الضلال، إخراج لهم من ظلام الكفر، وتزيين قرناء الكفار لهم الباطل الذي يحيدون به عن الهدى، إخراج لهم من نور الهدى، و «الإخراج» مستعار هاهنا.
وقد يقال للممتنع من الشيء: خرج منه، وإن لم يكن دخل فيه. قال تعالى: إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [2] ، وقال: وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [3] ، وقد سبقت شواهد هذا في قوله تعالى:
وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [4] . والثاني: أن إيمان أهل الكتاب بالنبي قبل أن يظهر نورٌ لهم، وكفرهم به بعد أن ظهر، خروج إلى الظلمات. والثالث: أنه لما ظهرت معجزات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان المخالف له خارجاً من نور قد علمه، والموافق له خارجاً من ظلمات الجهل إلى نور العلم.
[سورة البقرة [2] : آية 258]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)
قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ، قد سبق معنى «ألم تر» . وحاجّ: بمعنى خاصم، وهو نمروذ في قول الجماعة. قال ابن عباس: ملك الأرض شرقها وغربها مؤمنان، وكافران فالمؤمنان سليمان بن داود، وذو القرنين. والكافران: نمروذ، وبختنصر [5] . قال ابن قتيبة: [1] هو علقمة بن عبدة بن النعمان. والحسرى: الإبل المعيبة المريضة. الصليب هنا: الجلد اليابس. [2] يوسف: 37. [3] النحل: 70. [.....] [4] البقرة: 210. [5] هذا قول بلا برهان، مصدره كتب الأقدمين، وهو قول بعيد جدا.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 232